الخميس، 20 أغسطس 2009

ام سرحان: فنانة بلفطرة


ام سرحان ..امرأة جنوبية(سومرية) تقطن على إطراف بلدة قلعة سكر (120 كلم شمال مدينة الناصرية) نالت اعجاب واهتمام العديد من المهتمين في فن النحت ، على الرغم من انها تعمل على الفطرة ولم تتلمذ على يد احد.وبعد ان تنجز ام سرحان واجباتها المنزلية، كونها ربة بيت، تركن الى هوايتها المفضلة فتشرع بالنحت مستخدمة ما هو متاح لها من أدوات وطين حري اعتادت ان تجمعه من ضفة نهر الغراف ، وتشكـّلت موهبة النحت لدى ام سرحان عن طريق الصدفة عام 2001- حين عملت نحتين من الطين الحرّي كان الاول على شكل أسد ، اما النحت الثاني فكان على هيئة امرأة ريفية لابنها(سرحان)التلميذ في المدرسة الابتدائية.الباحث عدنان الرفاعي يصف أعمال ام سرحان بالنادرة، ويقول "إنها تستحق أن تحتضن فنيا لإبراز مواهبها " ، مشيرا إلى "أن أعمالها تحاكي النماذج السومرية". اما ام سرحان فقد أكدت بأنها تفكر منذ طفولتها بان تكون لديها أعمال من الطين. وتمارس أم سرحان أعمالها الفنية في النحت وسط غرفة نصفها للنوم ونصفها للعمل، أطفالها يتجمعون حولها وينظرون إليها بصمت، وهي تعيد صياغة الطين وفق رؤيتها ومزاجها، إنها ترى الأشياء بعمق ووضوح، وقد حرصت على ان تكون أعمالها الأولى تمثـّل صور الأئمة (وليد الكعبة، الإمام الحسين، الكفـّان)، وغير ذلك فان ثمة أعمال لديها تمثل واقعها الريفي، (امرأة تصلّي، واخرى تخبز، وامرأة مع رضيعها، وامرأة واقفة مع بنتها) ،كما أنجزت عملا نحتيا لصورة الفنان فؤاد شاكر اسمتها( بعيدا عن المفخخات ) . يقول مجيد الناشي احد المهتمين بالفن بعد ان شاهد اعمالها المتنوعة "ان حسها الفني وموهبتها تذكرنا بحضارة سومر وشموخها". ودعا الجميع الى ضرورة الاهتمام باعمال ام سرحان كونها فنانة سومرية تعمل بالفطرة , فضلا عن ان هذه الأعمال تطلق صرختها ضد الإرهاب ولاسيما وأنها من قرية نائية من قرى الجنوب. اما ام سرحان نفسها فقد دعت المعنيين الاهتمام بفنها ،وان يعملوا على ابراز اعمالها في المعارض الفنية التي تقام في ذي قار لتكون خير إثبات ودليل على ان المرأة العراقية سواء في الجنوب او الشمال لم ولن يتوقف عطائها وقدرتها على مواصلة الابداع رغم كل المشكلات والمتاعب التي تواجهها. تقول ام سرحان :على الرغم من بداياتي مع القلم الرصاص ومن ثم الألوان وبعدها جاءت مرحلة النحت الذي أحسست بانجذابية اقرب لي من الرسم وبالتالي كنت أعيش مع فن النحت كونه يعتبر لي شي عظيم.. أما شهرتي فكانت عن طريق الصدفة فبعد مطالبة إحدى معلمات ابني سرحان في مدرسة جابر بن حيان الابتدائية التي كانت مدرستي آنذاك عملا فنيا جديدا فعلمت له عمل نحت جسدت فيه المرأة العراقية فنال إعجاب جميع التدريسيين في المدرسة.وبعد معرفتهم صاحب العمل ((أم سرحان)) كانت هناك أنظار تدور حول العمل واعتقدها اتهام بان العمل ليس لي ولكن بعدها قمت بإعداد عملين آخرين حول الأمومة وجمال عالم الحيوان فاثبت للجميع إنني فنانة وقادرة على أن أقدم إعمال كبيرة وان الفن عن طريق الموهوبة وليس الدراسة....لتسير بعدها أعتاب أعمال أم سرحان في العديد من المعارض الفنية ابتداءا من مدينتها قلعة سكر والناصرية ومحافظة السليمانية وغيرها من محافظات العراق لتستعد لعرض معرضها السابع خلال الأيام القادمة والذي كرست اغلبه لمعالم معركة الطف الحسينية ... وبين الإصرار والمستقبل المجهول ذكرت أم سرحان إن اقرب الإعمال إلى نفسها هو ذلك العمل الذي اختير لينصب وسط مركز الناصرية لتضع أناملها في تصميمه وترسم كل معاني الحرية في عملها الذي سمته (نصب الحرية) ولكن هي مازالت مندهشة!!! لأسباب التي أبعدت عملها بعد إن نال إعجاب الفنانين والنقاد وجميع الجهات المعنية في إنشاء هذا النصب....؟؟ وتعيش أم سرحان في بيئة ريفية حتمت عليها إن تهيئ المأكل والمشرب لعائلتها وأدامت بيتها الذي فقد ابسط مستلزمات الحياة فبين غرف بيتها من الطين التي لاتتعدى غرفة واحده ومطبخها الذي لا يزيد على متر واحد بأدواته التي تكاد إن ترجح إلى العهد العثماني!؟ ولكن حبها للحياة ولزوجها الذي دفعهما إلى الأمل بالمستقبل المجهول الذي أعده أبو سرحان ( ريسان عبيد الركابي) من مواليد 1968 بأنه سيتحقق يوما ما على الرغم من انه لايمتلك أي وظيفة أو مصدر رزق للعيش وان أم سرحان ليست زوجة فقط بل هي الأخت والصديقة والحبيبة وأنا فخورا بها وبإعمالها بل هي التي جعلت منا عائلة فنية فأولادي اليوم يقدمون أجمل الإعمال في جميع فنون الرسم والنحت، لذا أناشد كل المسؤولين بان ينصفوها كفنانة تستحق التقدير وتثمين أعمالها لانها تستحق التثمين لما تحمل من أعمال رائعة وبصمة جميلة في عالم النحت وسأبقى لها العون في كل ما تحتاجه فرغم مساعدتي لها من خلال إعداد مستلزمات عملها التي ذكرتها أم سرحان أنها تتمثل بالطين الحري ذات اللون الأحمر الأكثر تماسكا مما يجعله مادة جذابة تعطي جمالية رائعة وبصمت جميلة عندما تغترفه من نهر مشروع الطولاني شمال منطقة أم طحين الأثرية لتخمره بعد عجنه بأيادي زوجها لتضعه في قوالب تختلف احدها عن الأخر حسب العمل الذي ترى ملامحه في خيالها الواسع... فعلى أنامل أم سرحان صممت أجمل أعمال النحت لتسرق أعجاب من استهوى ورأى أعمالها التي أبهرت الصغير قبل الكبير وعلى رفوف احتضان المواهب ودعمها يبقى باب أم سرحان في قرية إل عبيد ينتظر من يطرقه ليقفز بها إلى معلما حضاريا وفنانة من الطراز الأول.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق