لها بين الزمالك وشبرا ، هرولة يومية لا تنتهي، من قاعة بيكاسو الى رجل يدعى (بليه) يُعّد لها الاطارات، على وفق حجوم ومساحات اللوحات المعُدّة للعرض.
(بليه) يعرف ان اسمه معادل لمعنى (الدعبل) باللهجة العراقية، المقابل لاسم الكرات الزجاجية الملونة (هأ هأ هأ) كان (بليه) قد عمل نجاراً في الباب الشرقي، وله تقييمات خاصة للفن العراقي (والله كان زمان للرسم في بغداد زمان).
من تبعات اسم رؤيا عليها ان الفن قد كبس عليها، فصار أضغاث احلام!!
فقد حملت رؤيا حملها من بلاد الرافدين الى وادي النيل، وكيف وضعته في الزمالك.
{ اسألها : رؤيا- هذه النقلة المكانية ما بين بغداد والقاهرة؟
- الاسلوب هو هو، لم يتغير، لكن هنالك تأثيرات في إحداث نقلة جديدة في الحس اللوني، والرؤيا الموضوعية هذا يحصل برغم احساسي بأني جسداً في القاهرة، وقلبي ومشاعري في بغداد.
{ كيف تعملين تحت ضغط (هاجس الاغتراب)؟
- المعاناة، تلقي بظلالها الكثيفة على الابداع. ليت ما ارسمه، يوصل ما انقطع، بيني وبين دنيا يانعة تركتها خلف مهدي وظهري في بغداد.
{ ما هي مفردات لوحاتك الجديدة؟
- الانسان ورموزه، واتجاه النفس الى تحسس العالم (الجوانية) - الباطنية- الروحانية، وتلمس ما تحت السطح الظاهر، الى العمق انا من سلالة الالهة- الامهات (الاناث) اينانا وعشتار .. انا خلاصة الفكر الاسطوري الرافديني…
{ رؤيا رؤوف …ما هو المتحّول ، والثابت عندك؟
- الانسان - موضوعا- هو الثابت.. المتحول هو البحث عن افضل تقنية اختزالية.
بقية الحوار اتممناه في مقهى (الجريون) عند ميدان طلعت حرب وكان طرفا في الحوار الدكتور مالك العاني، الذي يملك هذا المقهى الذي يوجد توأمه في الحيّ اللاتيني بباريس.. العاني مقيم في القاهرة منذ ثلاثين عاماً (ومقهاه يحمل اسم الصرصار بالفرنسية) ضحكنا وقلنا هنا وجدنا من يُسمي المخرج محمد خان (بمخرج الصراصير) لواقعيته المفرطة.
{ الدكتور مالك سأل رؤيا… ان كانت سيدة واقعية… المرأة المضطهدة في اللوحة هل هـي أنت؟
- قالت رؤيا- نعم نعم، انا هي، وكل امرأة واعية وحساسة لم تأخذ نصيبها، كما ينبغي من الحياة. المرأة افضل من يمثل النفس البشرية رمزاً مضطهداً.
{ عاودت سؤال رؤيا: (احيانا تخفق اللوحة في الاتيان بالمراد، كيف تبتكرين لغة بديلة، للتعبير عن أدقِّ خلجات النفس؟
- الخيال، هو اللغة البديلة دائما، والتامل في المطلق والساكن ، وعندما تتجلى النفس ، تكون اكثر قدرة للتعبير عن خلجاتها.
{ اللوحة .. هل تجعلك اقرب الى الوطن الأم؟
- الابداع، يستقطب ، كل نشاط الروح، فأذا كانت الروح في الوطن، فاللوحة مرآة الروح، ومن خلالها تفيض نفسي بالرحيل الى هناك ، الى نقطة في البعيد البعيد.
{ الى اي مدرسة فنية تنتمين؟
- الى مدرسة رؤيا رؤوف!!
{ هل هناك رسم نسوي حقا؟
- ابداً ، هذا محض خرافة.
{ ولكن المرأة اذا ادمنت الرسم صارت رجلا.
صح ، ومن اجل هذا تستحق مني تعظيم سلام!! ولكنها ان لم تبدع صارت امرأة مسخ!!
{ قديمك من بغداد- جديدك في مصر، هل يلتقيان ، أم يتعارضان؟
- انهما يلتقيان .. هناك في نقطة تلاشٍ غيبية!
{ هل انت زوبعة ، أم مجموعة تساؤلات ، في الحياة - الكون- الغربة؟ لماذا يغيب الرجل - عندك؟
- انا سجينة نفسي دائماً وانا سجانها واشعر - اينما كنت- بالغربة مع أناس لا أتناغم معهم كوني - الخاص- هو الحب، فهو أول ما خرج من (دائرة العماء المغلقة) وبه تم خلق العالم. وبالحب تعود الموجودات لتلتحم بمصدرها!
{ والرجل الرجل دائما اسأل عن الرجل؟!
- انا دائما ابحث عن علاقة روحية صادقة، قلما اجدها على ارض الواقع، فأحاول بعثها على ارض لوحتي.
{ انت كاتبة خواطر، اقرب ما تكون الى الشعر هل الشعر ضرورة نفسية، أم متنفساً؟
- انا اسعى جاهدة، لكتابة كلام (منسق ) ربما هو النثر، وربما هوالشعر، بوزنٍ وقافية…ربما هو متنفس حقا احب الشعر، واشعر بمتعة سماعه وكتابته وانا اقرأ الكلام وأرى فيه صوراً لامتناهية.
{ صفي مصر الانثى- بما تشائين؟
- هي ايزيس- سيدة البحر- ليلة مشمسة، ليلها لا يعرف العتمة- هي ام الدنيا وزهرة اللوتس.. كتبت رؤيا سطوراً من يوم مصري… اسير هنا، بلا أرادة، والعين تنزف دما بدل الدمع… امضي كالمخبولة في شوارع مدينة نصر ، هربا من الفضائيات الناطقة… لا أرى غير الافواه ووطني يحترق!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق