بقلم: ابتهال بليبل
قال ما تبتغيه يبدو محالاً
قلت إن المحال مأمولي
فريد الدين العطار
( متصوف فارسي )
- تَخيلوا مَعي - هُناك في القريب ، أنحلت ضفائرها تحت خيمة سواد الليل وتطايرت أحلامها كما هو طيران خصلات تاجها المكلل الذي ما برح أن علِق بين أفكارهم البذيئة ، تُبعثرهم ملامح ذاك الزمن الساخط ، يلقون بجدائلها صوب فَرحْ ، وما هو إلا كَربِ صراخهُ يشق سماء الموءودة ، تزحف بين أتربة الرق والعبودية تَكاتفَتْ وتحامَلت ، وعَلى مَضضٍ لقَيام الجاثمة ، وبين تلك المسارات تعثرت سماجة الفكرة لتستحيل طمساً للعار ، تتَخبّط فِي ذاتِهم وَتتلعثمُ العصرنة تحت مجالس الإلوهية ...
إنه َمشهدٌ حاولت الفنانة التشكيلية رؤيا رؤوف أن تهبط به بدراما مستوحاة من واقع لا تنفصل أجواءه في اللوحة عن مفهوم واقع المرآة مِن عبودية متطوراً إلى مَسرحيّة مفعمة بأجواء مَا زَالت عَلى خَشبَة الحياة رغم التطور والعولمة التي تشعبت صيغ نشؤها .!
شعرها يتناثر بتَصفيف يتباطأ نحو سلاسل اعتادت على سحب أياديهم المنسلخة من عقول بات الجهل يؤطرها نحو عرسها المشهود ، أنها رشفة من رشفات الفنانة رؤيا لجُثمان تلك المرآة الطَاهِرة بدموعَ نزت مِن عيونِها تُعاني بجهالة محياها المغيب ، لا للحب فوجودكِ ليس أزلي كما تعتقدين ؟؟؟
هكذا هي الفكرة التي ولدتها الفنانة في مخيلتي وأنا أمرر حدقتاي فوق سطوح تلك اللوحة التي مابرحت أن تؤصر الموقف الذي أصبح شِبه مُكتمِلٍ ، لأقول في نفسي مَا الذي سَيخطهُ الدهر لكِ غَداً.؟
دون حَجابٌ وربما شابة جميلة حَاورتها السّنين، وَليرتد سُحبَ عُمرها بغفلة
كصوتٌ يَكاد تهتز الجبال منه ليُخرِجُ عويلاً تناثرت معه رياح الدم المباح بصفة العشائرية .....
الوَداعُ يَا دهور ... اليوم المرآة انضمت إلى تلك التي عاشت قبل عصور وعصور وَتعالَت صَدحات الهمجية والعنف ..
ومن هنا تستدعينا الفنانة إلى الثورة والتمرد على كل أشكال التخلف الحاضر وغامض المستقبل ، كون المرآة تعاني بسبب حملها ( لتاء التأنيث ) الذي يعتبره المجتمع أحد أنواع الرق ، لتؤكد لهن أن النساء عندما تستسلم لهذا ليس سوى باعتباره قدراً مقدساً الذي بالحقيقة يعتبر واقع اجتماعي يحتاج إلى تبدل ..
اليوم المرآة تمر بمأزق هي الدوران حول حلقة مفرغة ، ويجب عليها أن تتطلع على قضايا الشعب المظلومين لتقف إلى جانبهم كف واحدة وتبتعد عن تأطير نفسها بعقود اندثرت ...
كما أن الفنانة تتهم المجتمع ألذكوري بأنه اليد التي سلطت وأنجبت القوانين البائدة لتعلن لنا أننا سنموت معاً وتتشقق يداك الممتدة خلف تلك المرآة بسلاسل نفسها حاولت صنعها من خصيلات شعرها المتناثر صوب الفجيعة وتذكر أن إبليس واحداً فقط ، والدم مهرول بالانحناء صوب فلول عرٌتك لتكتمل الصورة أمامك ، وسيأتي يوماً يشتعل قنديل الكتاب وأقصد به العلم والمعرفة التي صوبت إليه المرآة بأصابعها ، فأنت الآثم المنزوي في غربتك وغامساً رأسك بوحل بعيداً عن اليقين ..
حقاً أننا نحتاج إلى حركة ضد الظلم لا حركة لتحرير المرآة ، ويجب أن ننادي أيضا بتحرير الرجل من مفاهيم همجية بربرية قبل البدء بحملة ضد الظلم ، والآن سأترك المتلقي ليتمتع بما رسمتهُ فرشاة الفنانة التشكيلية رؤيا رؤوف .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق